علينا أن نعترف أننا أمام ظاهرة جديدة وهي ظاهرة أكثر إيلاما وأكثر تحدّي للكبار والمربين وهي ظاهرة جيل جديد من الأطفال والشباب مهووسون بأسئلة كبيرة ومنشغلون بالبحث عن حقيقة وجودهم .. أسئلة فلسفية لا نقول أنها أكبر من سنّهم ولكن يصعب على المربي أن يكون موفّقا في إيصالها إلى من يطرحها ... فالكذب والمراوغة ليست من شيم المربّي ولكنّ الصراحة في حدّ ذاتها مشكلة كبيرة وتتطلّب إمعانا كبيرا وتأمّلا قبل الإجابة حتى نكون مسؤولين وجدّيين على ما نقول وفي ما نقول .. البارحة فقط كنت في حصّة ليلية مخصّصة لأحد التلاميذ الذي انتدبني وليّ أمره بتخصيص 5 حصص في الأسبوع مقابل أجر محترم وفي بيته كنت أوّل الأمر اتفقت معه على مادّة واحدة وهي الرياضيات لكن سرعان ما رضخت لطلب التّلميذ بتوسيع مواد الحصص لتشمل الفيزياء والفرنسية .. كان الأمر هينا أوّل الأمر وبعد ذلك صرت أجد صعوبة في إكمال الموادّ كما اتفقنا عليها لأنّ التلميذ كان نجيبا وحريصا على معرفة كلّ شيء واكتشفت أنّه رغم حبّه للتّحصيل لم تكن سنواته الثمانية الّتي قد قضاها في الدّراسة قد أمدّته بمعارف تناسب المستوى الثامن الإعدادي الذي يواصل فيه الآن دراسته .. بالرغم من كلّ هذا تجشّمت الكثير من المتاعب التلقينية وأوصلته بقدرة قادر إلى حدود ما يمكنني به أن أواصل تلقينه للموادّ المقبلة في المقرّر الدراسي لجميع الموادّ التي اتفقنا عليها .. البارحة كنّا في حصّة للمادّة الفرنسية تتعلّق نصوصها المختارة وأسئلتها المدرجة بالتلوث والنفايات ومسؤولية المواطنين قبل الدّولة في نظافة البيئة والحوار الطبيعي ... لكن التلميذ قبل نهاية الحصّة خرج عن موضوع الحصّة وسألني وأنا أدرك أنه يسأل بجدّية واضحة .. أين يوجد اللّه ؟ وهو السِؤال نفسه الّذي ووجهت به لمرّات عديدة ، وكنت في معظم الحالات سطحيا في الإجابة عنه .. لكنّ هذا التلميذ ألّذي أعرف حالته العائلية ، فهو من عائلة ملتزمة دينيا ومتشدّدة وجميع أفرادها من نساء ورجال تحت رحمة ربّ البيت الّذي هو شيخ فقيه .. لكن ليس من الطراز الصّافي بل مرن إلى حدّ ما .. ألتلميذ أضاف في تعقيب على سؤاله الله يوجد في السماء السابعة وينزل في الشطر الأخير من اللّيل إلى السّماء الدّنيا كي يستجيب للنّاس ثمّ يعود إلى سدرة المنتهى .. قلت له : أين لك هذا ..... ؟ قال : هناك أحاديث صحيحة أقرأها في كتب أبي تقول هذا .. كعادتي لم أحر جوابا : قلت له صحيح
هذا ولكنّ القرآن صحيح كذلك حين تحدّث عن اللّه : اللّه نور السّماوات والأرض .. هو نور والنور ليس جسما يحتوى .. هو في كلّ مكان وهو كلّ مكان .. ونزوله وصعوده ليس حقيقة بل هو مجاز وهذا ستعرفه فيما بعد في السنوات القادمة .. الآن عليك أن تهتمّ بدروسك لتحصل على علامات جيّدة تنفعك في مستقبلك الدراسي والمهني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق